الصفحات

‏إظهار الرسائل ذات التسميات سياسة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سياسة. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 24 فبراير 2015

اعداء الوطن

الأعداء الجدد لمصر

محمود الكردوسي 
عدوك -ببساطة- هو الذى يستهدف «وجودك»: تصفيتك مادياً، أى جسدياً من ناحية، ومحو هويتك الحضارية والثقافية والاجتماعية من ناحية أخرى. يفعل ذلك لتمكين أو لتأكيد أو لإثبات أو لتوسيع نطاق وجوده: مادياً ومعنوياً أيضاً. مصر تعرضت طوال تاريخها لمحاولات كثيرة من هذا النوع، وخاضت معارك طاحنة دفاعاً عن «وجودها» بهذين المعنيين. عانت كثيراً، ودفعت أثماناً باهظة، لكنها خرجت فى كل مرة أكثر ثباتاً وأصلب عوداً. والضرب لم يكن يميتها.. بل يعمّق «وجودها». ولمصر فى مسألة استهداف الوجود أعداء تقليديون، أى قدامى، اجتمعت لديهم -مع اختلاف التفاصيل- كل أسباب العداء.. والفشل أيضاً. هؤلاء يضيق المجال بذكرهم.
كنت أظن أن «الغرب الاستعمارى» -وخلاصته «إسرائيل»- هو العدو التقليدى لمصر خلال المائة وخمسين عاماً الأخيرة. غير أن عصابة الإخوان الإرهابية، وما تمخض عنها من ميليشيات مسلحة، كافرة.. أظهرت من أسباب العداء لمصر، خلال أقل من أربع سنوات، ما يكفى لرفعها إلى مصاف الأعداء التقليديين. صحيح أن أسبابها ظلت «كامنة» عبر أكثر من ثمانين عاماً. لكن ممارستها منذ فاجعة «25 يناير»، وبالأخص منذ اقتلاعها من سدة الحكم فى 30 يونيو 2013، أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها أشد خطراً ومكراً وخسة من «إسرائيل». إذا كانت إسرائيل كـ«فكرة» هى الأقدم (ظهرت بشائرها أواخر القرن التاسع عشر).. فإن عصابة الإخوان كـ«وجود» فاعل ومؤثر سبقت إسرائيل بنحو عشرين عاماً (أطلقها سافل، بغيض، يدعى «حسن البنا» فى 1928). وكلتاهما ابنتان شرعيتان للغرب الاستعمارى: لبريطانيا تأسيساً.. وللولايات المتحدة الأمريكية تمكيناً ودعماً.
ثمة أعداء جدد إذن. تختلف أدواتهم وأساليب عدائهم، لكنهم لا يقلون خطراً على مصر من إسرائيل والإخوان، والأحرى أنهم امتداد لكلتيهما.. سواء كانوا جماعات أو تشكيلات عصابية سياسية مثل «6 أبريل» و«الاشتراكيون الثوريون»، أو أفراداً تحسبهم نخبة.. وهم فى الحقيقة مرتزقة وتجار ثورات أو دين وذوو أجندات شخصية وعملاء ضمنيون لمؤسسات بحثية وأكاديمية أمريكية وأوروبية. ستلاحظ -من دون جهد- أن هؤلاء الأعداء الجدد أدوات، أو قل أبناء شرعيون لمؤامرة «الربيع العربى». بدأ نشاطهم فى سياق التحضير لهذه المؤامرة، أى فى النصف الثانى من العقد الماضى. وتصاعد بتصاعد وتيرتها، وصولاً إلى فاجعة «25 يناير». بدأ الأمر كما نعرف بإعلان عدائهم لنظام الرئيس مبارك، ثم اختلط العداء للنظام برغبة جامحة فى إسقاط مؤسسات الدولة، وفى طليعتها «الجيش» (كان جهاز الشرطة قد انهار بعد أربعة أيام من الفاجعة). وباندلاع ثورة 30 يونيو تزايدت حدة العداء لنظام الحكم ولمؤسسات الدولة، خاصة بعد أن اتفقت إرادة الغالبية العظمى من المصريين على اختيار رئيس من المؤسسة العسكرية، واستعادت هذه المؤسسة هيبتها، وبدا أن ثمة طموحاً وإرادة لبناء «دولة» حديثة.. على الرغم من وطأة الماضى، والغموض الذى يكتنف المستقبل.
واجهت الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو وسقوط حكم عصابة الإخوان تحدياً سافراً وشرساً على صعيدين: التخلص من إرث الماضى، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، والحق أنها لم تنجز كثيراً على هذا الصعيد. ثم -وبالتوازى- إنجاز تعهد القيادة السياسية بالقضاء على الإرهاب، وقد قطعت فيه شوطاً بعيداً على صعيد الداخل، لكنها لم تنجُ من الانتقاد بسبب البطء المفرط فى إجراءات الإصلاح، فضلاً عن غياب رؤية واضحة، وحاسمة، لمواجهة المشاكل والأزمات اليومية للمواطن. أثناء ذلك، بدأ وعى المصريين بحجم ونوع وأطراف المؤامرة ضد مصر يتزايد يوماً بعد يوم، خاصة فى ضوء ما يجرى فى كل الدول التى وقف غراب الربيع العربى على أنقاضها. ظل المصريون يتابعون تجليات هذه المؤامرة بعيون يملؤها توجس، وحزن على شهدائهم فى سيناء وغيرها من أصقاع مصر، لكن الطموح إلى بناء دولتهم الحديثة لم ينقطع ولم يتوقف.. نقداً أو تأييداً. وما إن فُجعوا فى ذبح واحد وعشرين عاملاً مصرياً فى ليبيا على أيدى تنظيم «داعش».. حتى تغير كل شىء. دخلت مصر طوراً جديداً من حربها ضد الإرهاب، ولم يعد ثمة شك فى أنها «حرب وجود»، لا تستهدف نظاماً أو مؤسسات.. بل تستهدف «مصر» ذاتها: اسماً، وتاريخاً وجغرافيا، وهوية.
كان من الطبيعى أن يلتف المصريون -من دون تمييز- حول قيادتهم السياسية وقواتهم المسلحة، وأن يفرض مناخ التعبئة هذا.. معياراً واحداً صارماً، وملزماً: «من ليس مع مصر فهو ضدها». وبهذا المعيار لم يعد الخروج على الإجماع مجرد «فعل خيانة».. بل يرقى بصاحبه -فى تقديرى- إلى مصاف «أعداء مصر». من المؤسف والمحزن أن يكون هؤلاء مصريين، وأن يتشاركوا جميعاً فى الخروج من عباءة «25 يناير»، وأن يتساووا فى الشماتة والسخرية والتطاول على الجيش والرئيس فى ظرف تاريخى كهذا.. مع أعداء مصر التقليديين!.
لن أتحدث عن «6 أبريل» أو «الاشتراكيين الثوريين» أو غيرهما من التشكيلات العصابية، فعداؤهم لمصر سابق ولاحق، وهم فى الحقيقة «خطوط خلفية» لميليشيات داعش وبيت المقدس والإخوان بطبيعة الحال. لكننى سأتوقف عند أسماء بعينها.. كنا نظن أنهم بالكثير «مختلفون» مع النظام، أو حتى يطمحون إلى «دولة» بمعاييرهم (وهى محل خلاف وشك)، فإذا بهم «خونة صرحاء»، وإذا بخيانتهم عبء على «وجود» مصر.
محمد البرادعى، كبيرهم الذين علمهم الخيانة، أطلق تويتة عقب مجزرة ليبيا، طالب فيها بـ«مبادرة عقلانية وقيمية» وليس حلاً «عسكرياً» للأزمة!. أيمن نور، الهارب المتخم بخيانة البرادعى، حمّل «السيسى» مسئولية توريط مصر فى مستنقع ليبيا، وقال فى مداخلة لفضائية «مكملين»، التابعة لعصابة الإخوان، إن السيسى «اصطنع حالة انشقاق داخل صفوف الثورة الليبية، وسعى إلى أن يكون له دور لا يليق بقيمة مصر فى محيط جيرانها». وبرميل الحقد المسمى «بلال فضل» كتب فى جريدة «العربى الجديد» الإخوانية، مهاجماً الجيش ومشدداً على مخاطر الضربة العسكرية لداعش، وساخراً منها. أما منشق الإخوان ووجههم المتلون البغيض عبدالمنعم أبوالفتوح، فقد تجاهل الأمر وشن هجوماً حاداً على النظام، وهتف فى مؤتمر أمام أنصاره بسقوط حكم العسكر.
الأسماء كثيرة، لكن المجال يضيق، وأخلاقى تمنعنى من الخوض فى آخرين وصلت بذاءتهم وجرأتهم على أسيادهم من جنود مصر البواسل إلى مستوى.. «خالد أبوالنجا»!

ملعون ابوها الحمامة ام غصن زيتون

«ملعون أبوها الحمامة أم غصن زتون»

محمود الكردوسي
أتت لحظتك.. وأظنها فاصلة. أنت طلبت تفويضاً بالقضاء على الإرهاب وليس بالحرب عليه فقط، ونحن معك، وفى ظهرك حتى تقضى عليه أو نموت دونه. اطمئن.. فنحن أهل موت. نحن نُبعث فى موتنا، فهذا أهون علينا من أن نموت أحياء. نحن اخترعنا «يا ما دقت على الراس طبول»، و«العمر واحد والرب واحد»، ومصر طوال تاريخها تحارب، خُلقت لتحارب، ولم تهنأ بسلام. لم يحدث أن خاضت دولة خمس حروب خلال ستين عاماً سوى مصر.. فاطمئن. نحن مطمئون إليك، لأننا تعلمنا كيف نولّى علينا من يستحق ثقتنا. نحن نثق فيك يا سيادة الرئيس، فاضرب بأقصى ما فينا من غل وحزن. سنصبر. سنربط على بطوننا حجر الكعبة الأسود لأننا نحارب أعداء الله. لن نسألك طعاماً أو شراباً. لن نسألك حرية أو ديمقراطية. لن نسمح لكلب أن يتجرأ عليك وعلى قواتنا المسلحة. لن نتقبل عزاء، ولن تهدأ لنا نار.. نحن لا نريد إلا ثأر شهدائنا يا سيادة الرئيس، حتى لو وسع أمد الحرب عشرين جيلاً، والله، وحق دمائنا التى جعلت بيننا وبين مؤامرة الغرب بحراً «أحمر» متوسطاً.. لن نترك ثأرنا، ولن نخذلك.
سيادة الرئيس..
أتت لحظتنا.. وأظنها خياراً بين موتين: موت يحيينا.. وحياة تميتنا، لكننا كعهدنا سنختار بلدنا.. «وأبى قال لنا.. الذى ما له وطن.. ما له فى الثرى ضريح.. ونهانى عن السفر». المصريون يتعرضون لمذابح جماعية فى كل الجبهات. إنها حرب إبادة ضد شعب مصر، لا تمييز فيها بين جيش وشرطة ومواطنين عاديين، ولا تمييز فيها بين مسلم ومسيحى. مصر تحولت إلى سرادق عزاء من أسوانها إلى مطروحها. إلى طوابير نعوش تلفها أعلام وغيوم حزن وضباب أسئلة. إلى بحر دموع لا يجف، ويبدو أنه سيظل يفيض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. نحن نموت كل يوم يا سيادة الرئيس. ننام على مذبحة ونصحو على مجزرة. نموت فرادى وجماعات. نموت فى دُشمنا وثكناتنا وكمائننا. نموت ونحن نصلى ونتسوق وننتظر أحباءنا على عتبات البيوت. نموت مغتربين، مهانين، مساقين كالذبائح. نموت ونحن ذاهبون وعائدون من أشغالنا. نموت ونحن نتفرج على مباراة، وفى غضون احتفالنا بأعيادنا.. حتى «أحمر» الفالنتين أصبح كئيباً هذه المرة يا سيادة الرئيس، لأن دماءنا رخصت وهانت وأبكت عفاريت الأرض.
أصبحنا نموت ونحن نحرس أنفسنا من الموت. نموت أمام الكاميرات ونتفرج على موتنا -ذبحاً وتفجيراً- فى أضابير «يوتيوب». نموت مرتين إذن: بالموت، وبالحسرة ونحن نتفرج على شهدائنا وهم يُذبحون أو تتطاير أشلاؤهم، ونموت ثالثة.. إذ يُميتنا عدونا ويُخرج لنا لسانه. لم يعد لنا ثمن أو هيبة. لم نعد نعرف من أين ستأتى غائلة الموت: من الشرق أم من الغرب أم من الشقة المجاورة! لم نعد قادرين على عدِّ شهدائنا. لم نعد نعرف ذراع من تلك، وساق من تلك، ورأس من هذا؟! فاضرب بأقصى ما فيك من ثبات وتعقل، وأقصى ما فينا من إرادة وطموح.
سيادة الرئيس..
مصر تواجه وحشاً كونياً صنعته قوى عظمى، وأنفقت عليه من حر مالنا، وسلّطته علينا.. ظناً منها أنه الأوْلى بلحمنا، لكننا سنهزمه لأننا نعرفه أكثر مما يعرف نفسه، سنهزمه، صدِّقنا كما صدَّقناك حين قلت لنا: «تتقطع الإيد اللى تتمد عليكم». لم يعد للإنسانية سوى مصر. هى الجائعة.. هى المقهورة.. هى المحنية على قوت أبنائها من طلعة الشمس إلى مغيبها، لكنها ستفوز كما فازت من قبل، لأن الله وضع فيها سره.
سيادة الرئيس..
أعرف، ونعرف جميعاً أن مصر فى محنة، وأنك فى مأزق، وأن قواتنا المسلحة تواجه عدواً لا تراه. تواجه شراذم وقطعاناً من مرتزقة الحروب. تواجه خطر تمزيقها وإنهاكها عبر ثلاث جبهات. لكننا واثقون من أن لأدبك فوهة نار، ولحلمك ساعة غضب، ولثباتك زلزال.... فاضرب: «ملعون أبوها الحمامة.. أم غصن زتون».

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 

تعريب وتطوير: www.tempblogge.blogspot.com
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Facebook Themes custom blogger templates