«ملعون أبوها الحمامة أم غصن زتون»
محمود الكردوسيسيادة الرئيس..
أتت لحظتنا.. وأظنها خياراً بين موتين: موت يحيينا.. وحياة تميتنا، لكننا كعهدنا سنختار بلدنا.. «وأبى قال لنا.. الذى ما له وطن.. ما له فى الثرى ضريح.. ونهانى عن السفر». المصريون يتعرضون لمذابح جماعية فى كل الجبهات. إنها حرب إبادة ضد شعب مصر، لا تمييز فيها بين جيش وشرطة ومواطنين عاديين، ولا تمييز فيها بين مسلم ومسيحى. مصر تحولت إلى سرادق عزاء من أسوانها إلى مطروحها. إلى طوابير نعوش تلفها أعلام وغيوم حزن وضباب أسئلة. إلى بحر دموع لا يجف، ويبدو أنه سيظل يفيض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. نحن نموت كل يوم يا سيادة الرئيس. ننام على مذبحة ونصحو على مجزرة. نموت فرادى وجماعات. نموت فى دُشمنا وثكناتنا وكمائننا. نموت ونحن نصلى ونتسوق وننتظر أحباءنا على عتبات البيوت. نموت مغتربين، مهانين، مساقين كالذبائح. نموت ونحن ذاهبون وعائدون من أشغالنا. نموت ونحن نتفرج على مباراة، وفى غضون احتفالنا بأعيادنا.. حتى «أحمر» الفالنتين أصبح كئيباً هذه المرة يا سيادة الرئيس، لأن دماءنا رخصت وهانت وأبكت عفاريت الأرض.
أصبحنا نموت ونحن نحرس أنفسنا من الموت. نموت أمام الكاميرات ونتفرج على موتنا -ذبحاً وتفجيراً- فى أضابير «يوتيوب». نموت مرتين إذن: بالموت، وبالحسرة ونحن نتفرج على شهدائنا وهم يُذبحون أو تتطاير أشلاؤهم، ونموت ثالثة.. إذ يُميتنا عدونا ويُخرج لنا لسانه. لم يعد لنا ثمن أو هيبة. لم نعد نعرف من أين ستأتى غائلة الموت: من الشرق أم من الغرب أم من الشقة المجاورة! لم نعد قادرين على عدِّ شهدائنا. لم نعد نعرف ذراع من تلك، وساق من تلك، ورأس من هذا؟! فاضرب بأقصى ما فيك من ثبات وتعقل، وأقصى ما فينا من إرادة وطموح.
سيادة الرئيس..
مصر تواجه وحشاً كونياً صنعته قوى عظمى، وأنفقت عليه من حر مالنا، وسلّطته علينا.. ظناً منها أنه الأوْلى بلحمنا، لكننا سنهزمه لأننا نعرفه أكثر مما يعرف نفسه، سنهزمه، صدِّقنا كما صدَّقناك حين قلت لنا: «تتقطع الإيد اللى تتمد عليكم». لم يعد للإنسانية سوى مصر. هى الجائعة.. هى المقهورة.. هى المحنية على قوت أبنائها من طلعة الشمس إلى مغيبها، لكنها ستفوز كما فازت من قبل، لأن الله وضع فيها سره.
سيادة الرئيس..
أعرف، ونعرف جميعاً أن مصر فى محنة، وأنك فى مأزق، وأن قواتنا المسلحة تواجه عدواً لا تراه. تواجه شراذم وقطعاناً من مرتزقة الحروب. تواجه خطر تمزيقها وإنهاكها عبر ثلاث جبهات. لكننا واثقون من أن لأدبك فوهة نار، ولحلمك ساعة غضب، ولثباتك زلزال.... فاضرب: «ملعون أبوها الحمامة.. أم غصن زتون».
0 التعليقات:
إرسال تعليق